الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال الغزنوي: ومن سورة يس:6- {ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ} يجوز ما نافية، ويجوز بمعنى الذي أي: لتخوفنّهم الذي خوّف آباؤهم لأنّ الأرض لا تخلو من حجة.8- {إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ} هي صورة عذابهم، أو مثل امتناعهم عن الإيمان كالمغلول عن التصرف.وفي حديث النساء: «منهن غلّ قمل» فإنّه إذا يبس الغلّ قمل في عنقه، فتجتمع عليه محنتان، فضربه مثلا للسليطة اللّسان، الغالية المهر.{مُقْمَحُونَ} مرفوعة رءوسهم، والمقمح الذي يصوّب رأسه إلى ظهره على هيئة البعير، بعير قامح وإبل قماح.11- {وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ} أي: بالغيب عن الناس، أو فيما غاب عنه من أمر الآخرة.12- {وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا} أعمالهم {وَآثارَهُمْ} سننهم بعدهم في الخير والشر، كقوله: {يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ}.13- {أَصْحابَ الْقَرْيَةِ} أهل أنطاكية.والرسولان الأولان: توصا وبولص، والثالث: شمعون.20- {رَجُلٌ يَسْعى} حبيب النجّار وكانت السماء أمسكت فتطيروا بهم وقتلوهم، فلما رأى حبيب نعيم الجنة تمنى إيمان قومه.27- {بِما غَفَرَ لِي} بأي شيء غفر لي.28- {مِنْ جُنْدٍ} أي: لم نحتج إلى جند.29- {خامِدُونَ} ميتون.30- {يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ} تلقين لهم أن يتحسروا على ما فاتهم، أو معناه: حلّوا محلّ من يتحسّر عليه.والحسرة: شدّة النّدم حتى يحسر كالحسير البعير المعيي.32- {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ} لما بالتخفيف على أنّ ما صلة مؤكدة و إن مخففة من المثقلة، أي: إن كلا لجميع لدينا محضرون.وبالتشديد على أنها بمعنى الأوان جحدا، بمعنى: أي: ما كلّ إلّا جميع لدينا. وجَمِيعٌ في الوجهين تأكيد لكُلٌّ.35- {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} أي: يأكلوا من ثمره بغير صنعة كالرطب والفواكه، ويعملون منه بأيديهم كالخبز والحلاوى.أو هو على النفي، أي: ليأكلوا ولم يعملوا ذلك بأيديهم.36- {خَلَقَ الْأَزْواجَ} الأشكال.37- {نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ} نخرج منه ضوءه كما تسلخ الشّاة من جلدها.38- {لِمُسْتَقَرٍّ لَها} لأبعد مغاربها من الأفق ثم ترجع إليها.39- {قَدَّرْناهُ مَنازِلَ} المنازل المعروفة الثمانية والعشرون الشّرطان، البطين، الثّريا، الدّبران، الهقعة، الهنعة، الذّراع، النّثرة، الطّرف، الجبهة، الزّبرة، الصرفة، العوّاء، السّماك، الغفر، الزّباني، الإكليل، القلب، الشّولة،، النعائم، البلدة، سعد الذابح، سعد بلع، سعد السّعود، سعد الأخبية، فرغ الدلو المقدم، فرغ الدلو المؤخر، بطن الحوت. هذه ثمانية وعشرون منزلا، أربعة عشر منها شامية أولها الشرطان وآخرها السّماك، لأنها في شق الشام من السماء، وأربعة عشر منها يمانية أولها الغفر وآخرها بطن الحوت لأنها في شق اليمن عن السماء، وهي تعرف في الهيئات من النجوم.{كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} العذق اليابس. يقولون: عرجون فنعول من الانعراج بل فعلون.40- {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} لسرعة سير القمر.{وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ} لا يأتي اللّيل إلّا بعد انتهاء النّهار.وسئل الرضا- عند المأمون- عن اللّيل والنهار أيّهما أسبق؟ فقال:النهار ودليله: أمّا من القرآن: وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ، ومن الحساب أنّ الدنيا خلقت بطالع السّرطان والكواكب في إشرافها، فتكون الشّمس في الحمل عاشر الطالع وسط السّماء.يَسْبَحُونَ: يسيرون بسرعة فرس سابح وسبوح.41- {حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ} آباءهم لأنّه ذرأ الأبناء منهم، تسمية للسبب باسم المسبّب، وإن كان الذرية الأولاد فذكرهم لأنه لا قوة لهم على السّفر كقوّة الرجال.42- {مِنْ مِثْلِهِ} من سائر السّفن التي هي مثل سفينة نوح، أو هو الإبل فإنّهن سفن البرّ.45- {اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ} من عذاب الدنيا، وَما خَلْفَكُمْ: من عذاب الآخرة.49- {وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} في متاجرهم ومبايعهم وفي الحديث: «النّفخات ثلاث: نفخة الفزع، والصعق، والقيام لرب العالمين».52- {مِنْ مَرْقَدِنا} يخفّف عنهم بين النفختين فينامون.55- {فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ} ناعمون، والشغل: افتضاض الأبكار وقيل: السّماع، بل هو كلّ راحة ونعيم، والفكه الذي يتفكه مما يأكل، والفاكه صاحب الفاكهة كالتامر.56- {والْأَرائِكِ} الفرش في الحجال.57- {ما يَدَّعُونَ} يستدعون ويتمنّون.58- {سَلامٌ قَوْلًا} أي: ولهم من اللّه سلام يسمعونه، وهو بشارتهم بالسّلامة أبدا.59- {وَامْتازُوا} ينفصل فرق المجرمين بعضهم عن بعض.62- {جِبِلًّا وجبلّا} خلقا.66- {لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ} أعميناهم في الدنيا.{فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ} الطريق.{فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} فكيف.67- {لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ} في منازلهم حيث يجترحون المآثم.{فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا} لم يقدروا على ذهاب ومجيء.68- {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ} نبلغه ثمانين سنة {نُنَكِّسْهُ} نرده من القوة إلى الضعف ومن الزيادة إلى النقصان.70- {مَنْ كانَ حَيًّا} حيّ القلب.{وَيَحِقَّ} يجب.71- {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا} تولّينا خلقه، وكقوله: فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ أو مما عملت قوانا.واليد والأيد: القوّة، واللّه متعال أن تحله القوة أو الضعف، فالمعنى: قوانا التي أعطيناها الأشياء.{مالِكُونَ} ضابطون لأن القصد إلى أنها ذليلة لقوله: وَذَلَّلْناها لَهُمْ.75- {جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} في النار، أو عند الحساب: أي: لا ينصرون وهم حاضرون.78- {قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ} قاله أبيّ بن خلف.ولا يجوز نصب فَيَكُونُ من قوله: {كُنْ فَيَكُونُ} لأنّ الفعل واحد وإنما ينصب الثاني الذي يجب بوجوب الأول كقولك: ائتني فأكرمك. اهـ..قال ملا حويش: تفسير سورة يس:عدد 41- 36.نزلت بمكة بعد سورة الجن عدا الآية 45 فإنها نزلت بالمدينة، وهي ثلاث وثمانون آية، وسبعمائة وعشر كلمات، وثلاثة آلاف حرف، لا ناسخ ولا منسوخ فيها.بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.قال تعالى مخاطبا رسوله صلى اللّه عليه وسلم بلفظ: {يس} 1 وجاء في الخبر أن اللّه سماني أحمدا ومحمدا وطه ويس.وقال ابن عباس معناه بلغة الحبشة وفي رواية عنه بلغة طي يا إنسان وقال غيره الياء للنداء والسين قائمة مقام إنسان انتزع منه حرف فأقيم مقامه، ونظيره ما جاء في الحديث: «كفى بالسيف شا..». أي شاهدا.وقال آخر هو اسم من أسمائه عليه السلام، مستدلا بقول السيد الحميري:وقيل هو مقطع حروف سميع منان قدير وشبهها من أسماء اللّه تعالى، وقد قال العلماء إن للّه عزّ شأنه أن يطلق على ذاته المقدسة وعظماء خلقه ما أراد من الأسماء.وتحمل حينئذ على التعظيم سواء كانت حروفا أو حرفا، مصغرة أو مكبرة، قال ابن الفارض رحمة اللّه: والكلام فيه من حيث الإعراب والبناء كالكلام في أوائل السور المتقدمة والحروف المتقطعة، وجاء في تتمة الخبر السابق والمزمل والمدثر وعبد اللّه، وقد ذكرت في القرآن هذه الأسماء كلها كما في هذه السور والسور المتقدمة وسورة الصف، الآية 7 في ج 3، وطه ومريم الآتيتين، وعبد اللّه في سورة الجن المارّة، ثم أقسم جل قسمه فقال {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} 2 في معانيه ومبانيه، العظيم في مقاصده ومراميه وهو مبالغة حاكم، وجواب القسم قوله عز قوله {إِنَّكَ} يا سيد الرسل المخاطب هنا بلفظ يس الذي هو من جملة أسمائك الكريمة التي سمينك بها في هذا القرآن {لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} 3 إلى الخلق كافة حقا، يدل عليه التأكيد بكاف الخطاب وإن واللام، وذلك لأن هذه الآية نزلت ردا على الكفرة القائلين لست مرسلا، وكفى باللّه شهيدا على رسالته العامة السائدة {عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} 4 عدل سوي لا اعوجاج فيه ولا ميل، وأن هذا القرآن الذي أنزلناه عليك {تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ} الغالب على خلقه القوي في ملكه {الرَّحِيمِ} 5 بعباده الرءوف بهم.وإنما أرسلناك يا محمد {لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ} الأقدمون من قبل رسولهم إسماعيل عليه السلام، وهذا على جعل ما موصولة مفعولا ثانيا لتنذر، وعليه يكون المطلوب الأمر بتبليغهم شريعة إبراهيم عليه السلام التي أنذر بها أسلافهم، أو العذاب الذي خوف به آباءهم الأولين، وإذا جعلت ما نافية يكون المعنى أنذرهم بما أمرت به، لأن آباءهم الأدنين بعد إسماعيل وجيله لم يأتهم نذير قبلك، وهذا أبلغ وأوفق لقال تعالى: {فَهُمْ غافِلُونَ} 6 عن طريق الهدى ومسالك الرشد الذي جئتهم به، إذ لم ينذرهم ويخوفهم عذاب اللّه الذي أنذر به آباؤهم الأقدمون أحد بعد إسماعيل عليه السلام، ولم يرسل إليهم نبي بعده، ولم يترك لهم كتابا يتبعونه لذلك أرسلناك يا محمد إليهم لتنذرهم وتخوفهم عاقبة أمرهم إذا لم يؤمنوا بك، وزد في عظتهم وذكرهم بأحوال من قبلهم المكذبين، علّهم يعتبرون بما وقع عليهم، فهذا كله على جعل ما نافيه وهو الأنسب بالمقام والأليق للتأويل، إذ على المعنى الأول وهو جعل ما موصوله لا يستقيم هذا، وذلك لأن شريعة إبراهيم عليه السلام التي جاءهم بها إسماعيل لم يبق لها أثر عندهم ولا يعرفون شيئا عنها البتة لعدم تركه كتابا بها بدليل قال تعالى: {وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ} الآية 44 من سبأ في ج 2 لهذا، فأن الأمر تبليغهم شريعة إبراهيم لا معنى له ولهذا البحث صلة في تفسير الآية 3 من سورة السجدة في ج 2 والآية 23 من سورة فاطر الآتية.ثم أقسم ثانيا فقال وعزتي وجلالي {لَقَدْ حَقَّ} وجب وثبت ووقع {الْقَوْلُ} في سابق أزلي وقديم علمي.والمراد بهذا القول العظيم قوله عز قوله لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين الآية 19 من سورة هود ونظيرها الآية 11 من سورة السجدة في ج 2 والآية 17 من سورة الأعراف المارة، وهذا القول قضى به {عَلى أَكْثَرِهِمْ} أما الأقل فهم في رحمة والأقل هو الأحسن من كل شيء قال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ} الآية 13 من سورة سباء وقال تعالى: {وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} الآية 41 من سورة هود في ج 2 وقوله: {وَقَلِيلٌ ما هُمْ} الآية 25 من سورة ص المارة وهكذا القليلون هم الخيرون قولا وعملا من كل ملة والأكثرون هم المسيئون الداخلون في ذلك القول {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} 7 بك بل يموتون على كفرهم إذ بت في أمرهم قبل وجودهم، والمراد بهم صناديد قريش المعارضون لحضرة الرسول وقد قتل أكثرهم في غزوة بدر، على الكفر تصديقا لقوله تعالى وليس المراد عموم قريش لأن أكثرهم آمنوا به صلى اللّه عليه وسلم، وسبب عدم إيمان أولئك {إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا}لئلا يلتفتوا إلى الحق ولا يعطفوا أعناقهم نحوه ولا يميلوا اليه {فَهِيَ} ملزقة برقابهم واصلة {إِلَى الْأَذْقانِ} متصلة برءوسهم {فَهُمْ مُقْمَحُونَ} 8 رافعون رءوسهم بسببها لا يقدرون على إرخائها إلى الأسفل لينظروا أمامهم، وذلك لأن الغل عبارة عن طوق حديد يجمع به اليدان إلى العنق ويكون في ملنقى طرفيه حلقة فيها رأس العمود خارجا من الحلقة إلى الذقن وهو محدّد فلا يتركه يطاطىء رأسه خوفا من نخسه، فيضطر لإبقاء رأسه مرفوعا بالطبع، فصار كأنه متصل برأسه.قال السيد علاء الدين علي بن محمد بن ابراهيم البغدادي في تفسيره لباب التأويل في معاني التنزيل نزلت هذه الآية في أبي جهل وأصحابه المخزوميين، لانه حلف لئن رأى محمدا يصلي ليرضخنّ رأسه، فأتاه في المسجد ليدمغه بحجر في يده، فلما رفعه انثنت يده إلى عنقه ولزق الحجر بيده، فأخبر أصحابه بما رأى، فقال له رجل من بني مخزوم أنا أقتله بهذا الحجر، فأتاه ليرميه به، فأعمى اللّه بصره عنه، فرجع إلى أصحابه وقال ما رأيته، ولقد سمعت صوته وحال بيني وبينه كهيئة الفحل يطلق على الذكر من كل حيوان وخصه بعضهم بالذكر القوي في الدواب ويراد به هنا واللّه أعلم ذكر الأفعى بدليل قوله يخطر بذنبه لو دنوت منه لأكلني، فأنزل اللّه فيهم هذه الآية وهذا إنما يصح إذا كان صلى اللّه عليه وسلم يتعبد بصلاة يتعاطاها كما سبق في الآية 18 من سورة الجن المارة، فراجعها ففيها ما فيها.
|